http://daabsa.hooxs.com/t1653-topic
[size=25]بلاد النوبة والهجرات العربية
---------------------------------
(1) بلاد النوبة بمفهومها الحالي، تمتد من مدينة أسوان جنوبي مصر وعلى طول النيل حتى دنقلا العجوز، وتقع بلاد النوبة في الجزء الشرقي من الصحراء الكبرى، يحدها من الغرب الصحراء الغربية أو الليبية، ومن الشرق الصحراء النوبية والعتمور إلى البحر الأحمر، يفصل بينهما نهر النيل .
(2) عندما أتم العرب فتح مصر سنة (21هـ) ترتب عليهم حماية حدود مصر الجنوبية، مما ترتب عليه الاصطدام بمملكة النوبة المسيحية، إلا إنه وبعد المحاولات المتكررة لغزوها، انتهت باتفاقية "البقط"، مما أتاح للعرب التوغل داخل بلاد النوبة سلميا، ناقلة معها الثقافة العربية من مصر بقوتين رئيسيتين سارتا جنبا إلى جنب، تمثلت في الهجرات العربية داخل بلاد النوبة وفي التجارة بين القطرين .
(3) والمجموعات التي دخلت من بلاد النوبة، بعضها استقر بها والبعض الأخر أخذ طريقه إلى أواسط السودان وغربه، ويمكن تقسيم هذه المجموعة إلى مجموعتين، الأولى قد لزمت طريق النيل من أسوان إلى وادي حلفا ثم إلى دنقلا، وكان لهذا الطريق الفضل الأكبر في نشر العروبة في بلاد النوبة، والمجموعة الأخرى اتخذت طريقها من جنوب أسوان إلى كرسكو جنوبا أو قبلها، ثم اخترقت صحراء العتمور إلى أبو حمد، ومن أبو حمد اتخذت هذه القبائل طريقين الأول نحو عطبرة والخرطوم، والأخر نحو مروي والدبة .
(4) قد ذكر المسعودي تركز القبائل العربة ببلاد الصعيد الأعلى حول أسوان، وقال "بها خلق كثير من عرب قحطان، ونزار، وربيعة، ومضر، وخلق من قريش وأكثرهم ناقلة من الحجاز" .
(5) وتسربت هذه القبائل العربية من أسوان نحو بلاد النوبة الشمالية حاملة معها الإسلام والثقافة العربية وغرست بذور العروبة في تلك المنطقة بمقوماتها الثلاثة، وهي الدم العربي واللغة العربية والدين الإسلامي .
(6) وقد وجدت مجموعة عربية بأرض "المريس" لا يفصح أحدهم بالعربية أي تعلموا لغة أهل النوبة
.
(7) وكانت هذه المجموعات من ربيعة وقحطان وقريش، ويذكر المؤرخون إن العرب هم أول من استخدم اسم "المريس" للدلالة على النوبة، و"المريس" كلمة قبطية تعني الجنوب، فهو أسم وصفي للمملكة التي كانت تقع جنوب مصر، وقد جاء في المصادر العربية أن النوبة هم المريس المجاورين لأرض الإسلام .
( وعندما جاءت قبيلة ربيعة إلى الصعيد الأعلى، في خلافة المتوكل العباسي (232 - 247هـ)، واستوطنت في أسوان، وداخل حدود النوبة، فرضت سيادتها على هذه المنطقة بما فيها من القبائل العربية والنوبية، والبجا، تمكنت من نشر الثقافة العربية في منطقة المريس وابتنوا بلدة تعرف (بالمحدثة)، واختلطوا بأهالي المريس وتكلموا بلغتهم أيضاً .
(9) ولعل أوسع هذه الهجرات العربية التي شهدتها المنطقة كانت في القرنين الحادي والثاني عشر إلا أنها بلغت ذروتها في القرن الثالث عشر، وأكدت ذلك نتائج الكشوف الأثرية، إذ عثر في بلاد النوبة وفي مواقع مختلفة مثل (تافه، كلابشة، الدر، دبيرة، أرقين، مينارتي) على عدت شواهد لقبور تحمل أسماء عربية من القرن التاسع الميلادي وعليها أسماء أربعة أجيال كلها عربية بخط عربي، وبينما كانت بعض هذه الشواهد تحمل تواريخ قبطية وعربية فإن بعضها الآخر كانت لا تحمل إلا التاريخ العربي (الهجري)، وصفت هذه الفترة بقمة التفاعل العربي، وكانت من نتائجه قيام دولة بني كنز(الكنوز) العربية النوبية في النوبة السفلى، والتي كان لأمرائها الدور الأكبر في إسقاط مملكة المقرة .
(10) أما أخر الهجرات العربية التي شهدتها المنطقة، كانت هجرة قبائل الغربية والجوابرة في أواخر القرن الثانى عشر، وقد امتد تأثير هؤلاء على وجه الخصوص بين الشلالين الأول والرابع .
(11) وما إن دخلت هذه القبائل بلاد النوبة حتى غيرت المصير الاجتماعي والديني للنوبة، ولعل من أسباب هذه الهجرات العربية المطردة إلى بلاد النوبة تلك الظروف القاسية التي مرت بها القبائل العربية في مصر، خاصة بعد قرار المعتصم العباسي سنة (218هـ) بإسقاطهم من ديوان الجند والعطاء .
.................................................. .....
المراجع
------
[1] منيب إبراهيم فقير، صفحات من وادي حلفا، ص 14.
[2] د. عبدالرحمن الريطي، دور القبائل العربية في صعيد مصر، الفصل الرابع، ص 285.
[3] د. عبدالرحمن الريطي، دور القبائل العربية في صعيد مصر، الفصل الرابع، ص 285.
[4] المرجع السابق، ص 285.
[5] المرجع السابق، ص 286.
[6] المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 22.
[7] منيب إبراهيم فقير، صفحت من تاريخ وادي حلفا، الفصل الأول، ص 11، 12.
[8] المقريزي: الخطط، ج1، ص 190.
[9] منيب إبراهيم فقير، صفحات من وادي حلفا، ص 28.
[10] المصدر السابق.
[11] سيدة الكاشف: مصر في عهد الولاة، ص 138.
[size=25]بلاد النوبة والهجرات العربية
---------------------------------
(1) بلاد النوبة بمفهومها الحالي، تمتد من مدينة أسوان جنوبي مصر وعلى طول النيل حتى دنقلا العجوز، وتقع بلاد النوبة في الجزء الشرقي من الصحراء الكبرى، يحدها من الغرب الصحراء الغربية أو الليبية، ومن الشرق الصحراء النوبية والعتمور إلى البحر الأحمر، يفصل بينهما نهر النيل .
(2) عندما أتم العرب فتح مصر سنة (21هـ) ترتب عليهم حماية حدود مصر الجنوبية، مما ترتب عليه الاصطدام بمملكة النوبة المسيحية، إلا إنه وبعد المحاولات المتكررة لغزوها، انتهت باتفاقية "البقط"، مما أتاح للعرب التوغل داخل بلاد النوبة سلميا، ناقلة معها الثقافة العربية من مصر بقوتين رئيسيتين سارتا جنبا إلى جنب، تمثلت في الهجرات العربية داخل بلاد النوبة وفي التجارة بين القطرين .
(3) والمجموعات التي دخلت من بلاد النوبة، بعضها استقر بها والبعض الأخر أخذ طريقه إلى أواسط السودان وغربه، ويمكن تقسيم هذه المجموعة إلى مجموعتين، الأولى قد لزمت طريق النيل من أسوان إلى وادي حلفا ثم إلى دنقلا، وكان لهذا الطريق الفضل الأكبر في نشر العروبة في بلاد النوبة، والمجموعة الأخرى اتخذت طريقها من جنوب أسوان إلى كرسكو جنوبا أو قبلها، ثم اخترقت صحراء العتمور إلى أبو حمد، ومن أبو حمد اتخذت هذه القبائل طريقين الأول نحو عطبرة والخرطوم، والأخر نحو مروي والدبة .
(4) قد ذكر المسعودي تركز القبائل العربة ببلاد الصعيد الأعلى حول أسوان، وقال "بها خلق كثير من عرب قحطان، ونزار، وربيعة، ومضر، وخلق من قريش وأكثرهم ناقلة من الحجاز" .
(5) وتسربت هذه القبائل العربية من أسوان نحو بلاد النوبة الشمالية حاملة معها الإسلام والثقافة العربية وغرست بذور العروبة في تلك المنطقة بمقوماتها الثلاثة، وهي الدم العربي واللغة العربية والدين الإسلامي .
(6) وقد وجدت مجموعة عربية بأرض "المريس" لا يفصح أحدهم بالعربية أي تعلموا لغة أهل النوبة
.
(7) وكانت هذه المجموعات من ربيعة وقحطان وقريش، ويذكر المؤرخون إن العرب هم أول من استخدم اسم "المريس" للدلالة على النوبة، و"المريس" كلمة قبطية تعني الجنوب، فهو أسم وصفي للمملكة التي كانت تقع جنوب مصر، وقد جاء في المصادر العربية أن النوبة هم المريس المجاورين لأرض الإسلام .
( وعندما جاءت قبيلة ربيعة إلى الصعيد الأعلى، في خلافة المتوكل العباسي (232 - 247هـ)، واستوطنت في أسوان، وداخل حدود النوبة، فرضت سيادتها على هذه المنطقة بما فيها من القبائل العربية والنوبية، والبجا، تمكنت من نشر الثقافة العربية في منطقة المريس وابتنوا بلدة تعرف (بالمحدثة)، واختلطوا بأهالي المريس وتكلموا بلغتهم أيضاً .
(9) ولعل أوسع هذه الهجرات العربية التي شهدتها المنطقة كانت في القرنين الحادي والثاني عشر إلا أنها بلغت ذروتها في القرن الثالث عشر، وأكدت ذلك نتائج الكشوف الأثرية، إذ عثر في بلاد النوبة وفي مواقع مختلفة مثل (تافه، كلابشة، الدر، دبيرة، أرقين، مينارتي) على عدت شواهد لقبور تحمل أسماء عربية من القرن التاسع الميلادي وعليها أسماء أربعة أجيال كلها عربية بخط عربي، وبينما كانت بعض هذه الشواهد تحمل تواريخ قبطية وعربية فإن بعضها الآخر كانت لا تحمل إلا التاريخ العربي (الهجري)، وصفت هذه الفترة بقمة التفاعل العربي، وكانت من نتائجه قيام دولة بني كنز(الكنوز) العربية النوبية في النوبة السفلى، والتي كان لأمرائها الدور الأكبر في إسقاط مملكة المقرة .
(10) أما أخر الهجرات العربية التي شهدتها المنطقة، كانت هجرة قبائل الغربية والجوابرة في أواخر القرن الثانى عشر، وقد امتد تأثير هؤلاء على وجه الخصوص بين الشلالين الأول والرابع .
(11) وما إن دخلت هذه القبائل بلاد النوبة حتى غيرت المصير الاجتماعي والديني للنوبة، ولعل من أسباب هذه الهجرات العربية المطردة إلى بلاد النوبة تلك الظروف القاسية التي مرت بها القبائل العربية في مصر، خاصة بعد قرار المعتصم العباسي سنة (218هـ) بإسقاطهم من ديوان الجند والعطاء .
.................................................. .....
المراجع
------
[1] منيب إبراهيم فقير، صفحات من وادي حلفا، ص 14.
[2] د. عبدالرحمن الريطي، دور القبائل العربية في صعيد مصر، الفصل الرابع، ص 285.
[3] د. عبدالرحمن الريطي، دور القبائل العربية في صعيد مصر، الفصل الرابع، ص 285.
[4] المرجع السابق، ص 285.
[5] المرجع السابق، ص 286.
[6] المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 22.
[7] منيب إبراهيم فقير، صفحت من تاريخ وادي حلفا، الفصل الأول، ص 11، 12.
[8] المقريزي: الخطط، ج1، ص 190.
[9] منيب إبراهيم فقير، صفحات من وادي حلفا، ص 28.
[10] المصدر السابق.
[11] سيدة الكاشف: مصر في عهد الولاة، ص 138.